كثر الحديث في أوساط كبار رجال الأعمال والتكنولوجيا وصناع السياسات العامة عن الموجة الرابعة للثورة الصناعية (IR 4.0)، والتحول التكنولوجي الذي تميز بخاصية البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي واستخدام التطبيقات الإلكترونية. وعلى الرغم من هذه الضجة المثارة حول التكنولوجيا الرقمية، إلا أنها عجزت عن أن تتحكم في السيطرة في ظهور وتفشي فيروس كورونا مما أحدث أضخم تحديات القرن أمام البشرية. وعلى العكس، فقد كان للتدخلات السياسية الحصيفة والرعاية الصحية المتاحة للجميع وتفاني العاملين في قطاعات الرعاية الصحية الأثر البالغ في "تسطيح المنحنى"، وذلك بفضل إتباع الحس السليم في تحقيق ما فيه الصالح العام وإنقاذ حياة البشر، ولقد كشف ذلك عن أكثر الأدوات نجاحاً في السيطرة على تفشي الفيروس لم يكن عبارة عن أحد التطبيقات الإلكترونية المبهرة لتعقب المخالطين، لكن هذه الأداة ببساطة كانت الكمامة الواقية.
لذا، وبدلاً من السعي لاهثين وراء الموجة الرابعة للثورة الصناعية، فإنه ينبغي على صناع السياسات العمل على تأمين القدرة ضد الصدمات وعلى المرونة للازدهار المستدام للجميع: هذا مفهوم أطلق عليه اسم "الموجة الأولى لتأمين القدرة ضد الصدمات" بإتباع قواعد السلامة والأمان؛ وهذا المفهوم يتجاوز حدود توفر مخزون السلع أو الأموال؛ فهذه القدرة تتسع لتشمل العمل على إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني بما يلبي الاحتياجات الأساسية للمواطن مع المحافظة على النظم والموارد الطبيعية وإرساء قواعد شبكات الأمان الاجتماعي. إن الغاية القصوى لهذه القدرة المأمونة ضد الصدمات هي أن تتعامل مع جوهر الطبيعة البيولوجية للبشر الذين يعيشون وفقاً لقواعد بيولوجية وليس تبعا لمنصات رقمية. بمعنى أخر، فإن المستقبل بات بيولوجياً لا رقمياً.